فجرت الولايات المتحدة مفاجأة كبرى حول موقفها من الأزمة السورية، بعد إعلانها التخلي عن حتمية رحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، نيكي هيلي، الخميس، قد أعلنت أن إسقاط رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لم يعد من ضمن أولويات واشنطن، منوهة ان بلادها تسعى إلى إيجاد سبل لإنهاء الحرب في سوريا.
وقالت هيلي في تصريح صحفي:”يختار المرء المعركة التي يريد خوضها.. وعندما ننظر إلى هذا الأمر نجد أنه يتعلق بتغيير الأولويات، وأولويتنا لم تعد التركيز على إخراج الأسد من السلطة”.
وفي تصريحها في البعثة الأمريكية بالأمم المتحدة، والتي ستتسلم رئاسة مجلس الأمن الدولي لشهر أبريل، قالت هيلي إن واشنطن ستركز على الدفع من أجل التوصل إلى حل سياسي.
وأضافت: “أولويتنا هي حقاً دراسة كيف يمكن أن ننجز الأمور؟ من الذين يجب أن نعمل معهم لنحدث فرقاً حقيقياً بالنسبة للشعب في سوريا”.
وتابعت: “لا يمكننا أن نركز بالضرورة على الأسد، كما كانت الإدارة السابقة تفعل. هل نعتقد أنه يشكل عائقاً؟ نعم. هل سنجلس ونركز على الإطاحة به؟ كلا”.
وأضافت أنها ستركز على طرق التخلص من نفوذ إيران حليفة الأسد، والتي تدعمه في الحرب ضد الفصائل المعارضة.
وأشارت إلى أن واشنطن ستعمل مع أطراف أخرى بما فيها تركيا سعيا للتوصل إلى حل طويل الأمد للنزاع السوري.
تيلرسون في تركيا
جدير بالذكر أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اعتبر أن الشعب السوري سيقرر مستقبل رئيس النظام بشار الأسد.
وقال تيلرسون، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو في أنقرة: “أعتقد أن وضع الأسد على المدى البعيد سيقرره الشعب السوري”.
رد المعارضة
على الجانب الآخر، أكدت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الخميس من جنيف، أنها لا يمكن أن تقبل بأي دور للأسد في أي مرحلة مقبلة.
وقال منذر ماخوس أحد المتحدثين باسم الهيئة للصحفيين في جنيف: “لا يمكن أن تقبل المعارضة بأي دور لبشار الأسد في أي مرحلة من المراحل المقبلة وليس هناك أي تغيير في موقفنا”.
وقبل أيام، نفى رئيس وفد الهيئة العليا للتفاوض، نصر الحريري، قبول المعارضة السورية بمشاركة بشار الأسد في هيئة الحكم الانتقالي.
وجدد الحريري تمسك المعارضة بتنحي الأسد وعدم احتفاظه بأي دور في المرحلة الانتقالية، بعد ساعات على تسريبات أفادت أن المعارضة قبلت بدور لرئيس النظام السوري.
ما وراء المفاجأة الأمريكية
المسؤولون الامريكيون ظلوا طوال السنوات الست السابقة من عمر الازمة السورية يطالبون بإسقاط النظام السوري، ويؤكدون انه لا مكان للأسد في مستقبل سورية، فهل نفهم من تصريحات تيرلسون هذه ان الإدارة الامريكية الجديدة انقلبت 180 درجة على سياسات ومواقف الإدارة السابقة، واقتربت اكثر من الموقف الروسي، وباتت تمهد لاشراك الحكومة السورية في الحرب على الارهاب، وفتح قنوات حوار، وربما تنسيق معها في هذا المضمار؟
ربما يكون من المبكر قراءة هذا التحول الجذري في الموقف الأمريكي في الازمة السورية، والاستنتاج بأن إدارة ترامب بصدد القبول بدور كبير للأسد في مستقبل سورية، فالحرب على الإرهاب توشك على نهايتها في الموصل رغم الصعوبات التي تواجهها، ومن المقرر بدء الهجوم على الرقة في غضون أيام، والتنسيق الروسي الأمريكي في المنطقة شبه مجمد، وهناك حالة مزمنة من عدم الثقة بالادارات الامريكية، وإدارة ترامب على رأسها، ولكن يظل ما ذكره تيرلسون في حضور مضيفيه الاتراك رسالة على درجة كبيرة من الأهمية من غير الممكن تجاهلها وتداعياتها، والسياسات تتغير حسب المصالح وانعكاسا لها.
أهمية هذه التصريحات الامريكية التي ادلى بها تيرلسون في اول زيارة له لانقرة، تأتي من كونها تتزامن مع بدء العد التنازلي للهجوم على مدينة الرقة عاصمة “الدولة الإسلامية”، واستيلاء قوات سورية الديمقراطية التي تعتبر رأس الحربة في الهجوم، وتتشكل معظمها من الاكراد، على سد مدينة الطبقة ومطارها، وهذه القوات مدعومة أمريكيا بغطاء جوي، وحوالي 300 من القوات الخاصة الامريكية.
على ما يبدو ان الادارة الامريكية الجديدة اختارت الوقوف في خندق حلفائها الاكراد، وتفضيلهم على تركيا العضو المؤسس في حلف الناتو، وهذا ما يفسر القرار التركي بالإعلان عن انتهاء عملية “درع الفرات” بعد تحقيقها لاهدافها مثلما صرح السيد يلدريم.
المصدر