تحليل الموقف المصري تجاه غزة بناء على التصريحات الرسمية المصرية الحالية و اقتطاعها من السياق العام هيؤدي لقراءة الموقف بشكل خاطئ مفرط في التفاؤل.
أزمة المقا ومة في غزة هي أزمة جغرافيا في المقام الأول، مهما كان إبداعك وخيالك وقدرتك على التكيف مع التحديات عالية، هتفضل ٣٦٥كم مربع ليس لك حدود برية إلا مع مصر واسرائيل.
وتعزيز صمود الجبهة الداخلية لحركة تحرر وطني وحفاظها على حاضنتها الشعبية في ظل حصار وحالة عداء مع النظام السياسي الحاكم لمصر هو أمر بالغ الصعوبة، يكفي فقط ان نقول انه معبر رفح هو البوابة الوحيدة لطلاب غزة للسفر وبوابة مرضى غزة للعلاج اضافة لإعتماد أجزاء من غزة على الكهرباء القادمة من مصر ، وبدون مصر غزة حرفياً هي سجن كبير لاثنين مليون إنسان.
السبب الرئيسي في حفاظ غزة على علاقاتها بمصر في أكثر اللحظات تعقيداً هو الجغرافيا والجغرافيا ثم الجغرافيا ، حكومة غزة لا بديل لديها عن احتفاظ مصر بملف الوساطة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولا تستطيع استبدال مصر بأياً كان سواء كان قطر او تركيا او غيرهم
كمان مصر عندها مصلحة كبيرة في الاحتفاظ بالملف الوحيد الحيوي المتبقي في سياستها الخارجية واللي بيدي مصر وزن في المجتمع الدولي.
مصر حتى في اشد لحظات عداءها السياسي لحم اس بسبب علاقة حماس بالإخوان المسلمين و علاقة السيسي بنتنياهو، في اثناء الحرب على غزة ٢٠١٤ كانت بتبعت لقيادات حما س تروح القااهرة عشان بحث التهدئه وحم اس بتستجيب على رغم ان النظام المصري مش طرف محايد وفي حالة تقارب شديد مع اليمين الصهيوني.
متنساش انه في الوقت ده كانت محاكم مصر بتعج بقضايا التخابر مع حما س واقتحام حما س للسجون المصرية وحالة استعداء غير مسبوقة على المستوى الرسمي ضد غزة وتحميلها كامل فاتوة سيناء .
التغير الحالي في تصريحات الخارجية المصرية في رأيي هو محاولة تمايز وإعادة تموضع للسياسة الخارجية المصرية بعيد عن معسكر الإمارات بعد مواقفها من المصالح المصرية، وخصوصا بعد رحيل ترامب.
لكن مهما كان إعادة التموضع في موقف النظام السياسي المصري الحال في ملف الصراع العربي الاسرائيلي فلن يتجاوز بحال من الأحوال الدور التقليدي الرسمي المصري المتعارف عليه في عهد مبارك.
لكنه سيظل على مستوى الخطاب المتوازن ولن يرقى أبداً ليصبح فعل سياسي للضغط على اسرائيل لصالح الفلسطينيين، ولا حتى من باب سيب وانا أسيب اللي مبارك كان بيعمله بورقة الأنفاق في مقابل مصالح مصر في النيل.
شرعية نظام السيسي دوليا اصلاً اتبنى جزء كبير منها من باب حماية أمن اسرائيل وهدم الانفاق و حصار حماس، و بناء عليه اليمين الاسرائيلي دعم السيسي في الحصول على الشرعية الدولية في ٢٠١٤.