الإخوان المسلمون، الذين أكن لهم كل احترام، لا يكفون عن التفاخر بعددهم وبأنهم يضمون أفضل الكفاءات.
ومنذ انتخابات 2005 وأنا أطالبهم (في موقع إسلام أونلاين الراحل الرائع): ما دمتم بهذا العدد وهذه الكفاءات، لماذا لا تستغلونها في كتابة أبحاث عن تصورات حلول لمشاكل الوطن (مثل سعر الصرف الجنيه، السحابة السوداء، مشكلة القمح، التصنيع،... وعلى ما دون ذلك من المشاكل والمستويات)، وذلك تنفيذاً لشعاركم "وأعـِـدوا". فكتابة تلك الأبحاث لا تكلف شيئاً ولن يعارضها الأمن، وستضفي عليكم هالة من الجدية.
ولكنهم لا يفعلون ذلك. فدخلوا برلمان 2005 ولم يقدموا أكثر مما قدمه حزب الوفد الهلامي.
ثم تولوا رئاسة الجمهورية وتساءل الناس عن مشروع الإخوان، فردوا بأنه مشروع النهضة وطائره وطبعا لعدم إعداد الإخوان لهذا اليوم بالأبحاث والدراسات، اكتشف الجميع أن مشروع النهضة ما هو إلا أكذوبة.
ثم أجد د. باسم عودة (المهذب) يهرول هارباً من مواجهة قضية الغاز، قائلا: "الكلام ده مش بتاعنا، ده بتاع المخابرات"، أي أنه كان يدرك منذ رابع شهر في الحكم أن هناك قضايا لا يريد الإخوان الدخول فيها وفضـّـلوا تركها للمخابرات. وبعدها ذهب خيرت الشاطر في لقاءات مغلقة مع بريتش بتروليوم لبحث فرص التعاون الخاص، وليس لتباحث الشأن العام، بدليل أنه لم يصطحب وزير البترول الإخواني، زائد الشائعات التي تسربت عن اللقائين.
ورئيس شعبة القاهرة وشعبة الهندسة بحزب العدالة والتنمية وهو أستاذ اتصالات محترم بهندسة القاهرة، ألح في أن أشرح له قضية الكابلات الاتصالات الدولية، فلما فعلت فإذا به يولي الأدبار.
ثم أرى كيف قتل مجلس الشورى الإخواني أي متابعة لقضية ترسيم الحدود، بعد أن تحمسوا لكلمتي لمدة 100 دقيقة بالضبط، وبعد ذلك بسويعات أصبحوا يبتكرون الحجج والسخافات لعرقلة الدكتور خالد عودة واغتيابه تواطؤاً مع الجهات الأمنية.
بعد ذلك أجد نفسي متسائلا: ماذا استفادت مصر من هذا الحزب ومن معتقداته؟ وأجيب: ليس أكثر كثيرا مما استفادت من الحزب الوطني.
أما وقد قلت ذلك، فالواجب علي ذكر مآثر الإخوان من الحض على مكارم الأخلاق. ومكافحتهم الفساد في قضية الخبز كانت واضحة، وإن كانت سطحية، لم تـنــفــُـذ للأسباب العميقة للأزمة، وهي تحالف المافيا والأجهزة السيادية، الذين تركوا باسم عودة والإخوان يلهثون. وربما فسادهم سيكون أقل كثيرا من النظام العطن الذي لم يتغير في الستة وأربعين سنة الماضية.
أخلــُـص من ذلك، بالرد على سؤال عنوان المنشور، بأن الإخوان ما هم إلا جزء لا يتجزأ من نسيج الشعب المصري بكل ما فيه من مزايا وعيوب - لا أكثر ولا أقل. وهذا يعني أن على الإخوان مراجعة رسالتهم المركزية لتنقيحها حتى تكون أقدر على الارتقاء بالوطن/الأمة لمستوى أعلى، على أن يقدموا بعض التوصيف لهذا المستوى المرجو أو المستهدف.
الوقت ليس متأخراً لأن يُـعـِـد الإخوان العدة بالدراسات لأي مشاركة محتملة منهم في الحكم في المستقبل. فإن لم تكن الدراسات لمشاركتهم في الحكم، فعلى الأقل للإسهام في بناء الوطن.
وأبقى، أنا والشعب، بانتظار مخلصين يكدون لنهضة انتاجية حقيقية من أول ساعة، بغض النظر عن انتماءاتهم.
هذا المنشور اضطررت لكتابته ردا على سؤال لأخت كريمة، فرأيت تعميمه، رغم ما قد يجلبه من امتعاض.