السيسي ومميش يبحران في تفريعة قناة السويس |
>> إسرائيل ستدخل المزاد.. ولهذه الأسباب كفة الإمارات تعتبر الأرجح
كاتوبجي
قبل أيام.. أصدر الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس قرارا بتخفيض 50% من الرسوم التى تحصلها الهيئة على السفن العملاقة، وهو ما وصفه إعلام النظام بأنه خطوة فى اتجاه استعادة القدرة التنافسية لميناء شرق بورسعيد، وكخطوة أولى ينتظر أن يتبعها خطوات أخرى.
ونقلت صحف النظام عن يان بوزا المدير العام لشركة قناة السويس للحاويات، قوله إن خفض الرسوم على السفن التى يزيد طولها عن 354 متر لتصل إلى 4% من رسوم العبور المقدره على حمولة السفينه بدلاً من 8%، يتوافق مع إستراتيجية ومجهودات مجموعة "آى بى أم ترمينالز"، وشركة قناة السويس للحاويات لتنمية ميناء شرق بورسعيد، وخاصة بعد بدء التشغيل التجارى لأحدث السفن العملاقة، وذلك لأول مرة بالموانئ المصرية.
ووجه هانى النادى رئيس قطاع العلاقات العامة والحكومية بشركة قناة السويس للحاويات، الشكر لهيئة قناة السويس، مؤكداً أن القرار يدل على حرص الدولة والهيئة على إستمرار تطوير العمل بميناء شرق بورسعيد وإتخاذ القرارات التى تدعم صالح الاقتصاد المصرى.
وأوضح النادى، أن مثل هذه القرارات تكون أحد العوامل الرئيسية لضخ مزيد من الإستثمارات فى ميناء شرق بورسعيد فى إتجاه تطويره وتنميته، وزيادة قدرته التنافسية ليكون أكبر مركز لتداول الحاويات والخدمات اللوجستية بموانئ شرق المتوسط.
ما وراء القرار
استعرضنا في الفقرة السابقة تبريرات اعلام النظام لقرار مميش، ومن واقع تجربتنا مع الاعلام المصر خلال السنوات الماضية، فإن كل القرارات التي اتخذتها الأنظمة المصرة المتعاقبة، وبرر لها الإعلام، انتهت دائما بكارثة، خاصة في عهد السيسي.
العالم وخبير الاتصالات الدولي المصري نايل الشافعي كشف عن جانب خطير من كواليس قرار مميش، ونتائجه المتوقعة والتي لن تقل سوءا عن نتائج قرارات رئيسه.
الشافعي كتب على صفحته الرسمية على "فيسبوك": "قرار مميش بخفض رسوم قناة السويس لإستعادة شركات الحاويات هو قرار خاطئ، إذ يدعم سفن الحاويات على حساب قناة السويس. كما أنه لن ينجح في اعادة الشركات التي تركت مصر."
وأكد صاحب موسوعة المعرفة أن القرار سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، مضيفا: "ما يحدث هو تخسير لهيئة قناة السويس، تمهيداً لخصخصتها بسعر زهيد."
وردا على سؤال أحد متابعيه حول نسبه انخفاض ايرادات قناه السويس هذا العام، قال الشافعي: "لا يمكن التوقع. إذ لو حدثت أزمة عسكرية في اليمن أو الصومال أو الخليج العربي فستشهد قناة السويس مرورا كبيرا من القطع الحربية".
من سيشتري القناة؟
إذن، قرار مميش مقدمة لتخسير القناة ومن ثم بيعها، وفقا للتفسير السابق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : "من سيشتري القناة إذا صحت الرواية؟"
إذا رجعنا إلى الخلف قليلا، وتحديدا فترة حكم محمد مرسي، والجدل الذي دار حول مشروع تنمية محور قناة السويس الذي أعلن عنه مرسي إبان توليه الحكم، ربما نعرف ماهية المشتري.
خلال فترة حكم مرسي، زعمت إعلام مصر أن الرئيس الإخواني سيبيع قناة السويس إلى قطر وتركيا عبر ستار مشروع تنمية محور القناة، وهو ما فسره الإعلام المؤيد لمرسي بأن مرددي هذه الأقاويل من الممولين من الإمارات التي تعد أكبر المتضررين من مشروع مرسي.
بعيدا عن المعركة بين اعلام السيسي ومرسي، نعيد التذكير بمقطع فيديو، تداوله نشطاء وقتها، لكلمات ألقاها احد المفكرين الأمريكيين ذكر فيها بعض أسباب عداء النظام الإماراتى لنظام الرئيس مرسى فى مصر، ولماذا تدعم المعارضة فى مواجهته.
ومما قاله أن «مشروع تطوير إقليم قناة السويس الذى يتبناه الرئيس المصرى محمد مرسى، سيصبح أكبر كارثة لاقتصاد الإمارات، خاصة دبى؛ إذ إن اقتصادها خدمى لا إنتاجى، قائم على لوجستيات الموانئ البحرية، وإن موقع قناة السويس هو موقع إستراتيجى دولى أفضل من مدينة دبى المنزوية فى مكان داخل الخليج العربى الذى يمكن غلقه إذا نشب صراع مع إيران».
وتختص كل إمارة فى دولة الإمارات بثرواتها الطبيعية فقط، ودبى هى أفقرها مواردَ طبيعيةً؛ لذلك فهى تعتمد اعتمادا كليا على البنية الأساسية الخدمية التى تقدمها للغير،من هنا يأتي مشروع تطوير قناة السويس الذي سيدمر هذه الإمارة اقتصاديا لا محالة خلال 20 سنة من الآن.
لكن رحل مرسي عبر انقلاب عسكري مدعوم خلجيا وصهيونيا وامريكيا، ولم يلبث السيسي أن يعلن عن تنفيذ مشروع مماثل لمشروع مرسي، دون أدنى اعتراض من الإعلام المصري أو ترديد لمقولات بيع القناة لأي دولة، كما لم تعترض الإمارات على المشروع وهي التي تلوثت يدها بدماء أبناء الأمة وكانت حجر الزاوية في التآمر على الربيع العربي.
وإذا ربطنا بين عدم اعتراض الإمارات على مشروع السيسي، وبين قرار مميش وما قد يسفر عنه، فإننا أمام نتيجة واحدة فقط، وهي أن الإمارات هي المشتري المتوقع لقناة السويس في حال بيعها.
لكن، تجدر الإشارة إلى أن مشروع تنمية محور قناة السويس -في حال تطبيقه وفق رؤيو وإرداة وطنية خالصة- سيكون اكثر المتضررين منه دولة الإمارات الصليبية المتحدة، والعدو الصهيوني، وإذا كنا قد فسرنا سر تضرر الإمارات، فلماذا يتضرر الصهاينة؟
هل تدخل "إسرائيل" المزاد؟
ويقدر حجم سوق النقل والخدمات اللوجستية فى منطقة الشرق الأوسط بحوالى 35 مليار دولار بنهاية 2012، محققا نموا يزيد عن 10% مقارنة بالعام الماضى. وتلعب دول مجلس التعاون الخليجى دورا ملحوظا فى نمو هذا القطاع على المستوى الإقليمى؛ إذ تستحوذ دول الخليج على 27 مليار دولار من سوق الخدمات اللوجستية، وتصل حصة الإمارات منها إلى 9 مليارات دولار، بنسبة 33%.
والحقيقة أن هناك عدة مشروعات أخرى تنافس بقوة مشروع قناة السويس، بل وتهدده حال تنفيذه وفق رؤية وطنية، من بينها «مشروع البوابة الجنوبية»، وهو مشروع إسرائيلى خاص بتطوير ميناء إيلات (أم الرشراش المصرية سابقا)، الذى يسعى الصهاينة عبره إلى جعل مدينة إيلات عاصمة السياحة فى المنطقة.
وكانت صحيفة «جلوبز» الإسرائيلية قد نشرت مطلع 2011 أن العمل سوف يبدأ فى مشروع ميناء إيلات الجديد الذى يعد المكون الرئيسى فى مشروع البوابة الجنوبية. وأشار مسئولون إسرائيليون إلى أن خط «المتوسط - البحر الأحمر» قد يستخدم كذلك لتصدير الغاز الإسرائيلى إلى الهند، وربما إلى الصين. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلى قوله إن 70 شركة عالمية معنية بالمشاركة فى مشروع مد السكة الحديدية إلى ميناء إيلات، مؤكدا أنه ستقام مدينتان جديدتان فى «العربا» عند بدء المشروع.
كما أعلن وزير التنمية الإقليمية الإسرائيلى سيلفان شالوم، فى يونيو 2012، أنه تلقى موافقة البنك الدولى على بناء قناة تربط البحرين الأحمر والميت الذى قد تجف مياهه بحلول 2050، مشيرا إلى أن المشروع يتمثل فى شق قناة يبلغ طولها 180 كيلومترا لنقل 200 مليون متر مكعب من المياه، يصب نصفها فى البحر الميت ونصفها الآخر فى حوض كبير لتحلية مياه البحر تشرف عليه إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية.
فهل ستدخل إسرائيل المزاد على قناة السويس في حال اتجاه نظام كامب ديفيد إلى بيعها؟ وإذا حدث ذلك، فأي الكفتين أرجح: الإمارات أم الصهاينة؟ رغم علمنا أنه لا فرق تقريبا بينهما.
نعتقد أن كفة الإمارات ستكون أرجح لعدة أسباب:
1- رغم عمالة النظام المصري الفجة والصريحة للعدو الصهيوني، ورغم فجره وعدم خشيته من الشعب، إلا أنه لن يجازف ببيع القناة إلى إسرائيل، الورقة الرابحة التي تضمن له البقاء، حتى لا يكون ذلك القشة التي قد تقصم ظهره.
2- الإمارات هي المتضرر الأكبر من مشروع تنمية قناة السويس برؤية وطنية، وبالتالي، لن يتوانى "محمد بن زايد" الحاكم الفعلي للإمارات عن شراء القناة في حال بيعها ليضمن الحسنيين: تفوق مروع القناة على جبل علي في دبي، او انهيار المشروع وبالتالي بقاء دبي ميناء لوجيستي مهم.
3- رغم الشد والجذب في العلاقات بين السعودية راعية الانقلاب واكبر مموليه وبين النظام المصري، إلا أن العلاقات بين الإمارات ومصر لم تتغير ولم تتأثر منذ انقلاب 3 يوليو حتى الآن، وهو ما يؤكد ان العلاقة بين جيش كامب ديفيد بقيادته الحالية وبين الإمارات علاقات استراتيجية أكثر منها علاقات تبادل مصالح، وهو ما أثبتته السنوات الماضية، إذا لم تتأخر الإمارات عن تقديم الدعم المادي لنظام السيسي، وبالتالي لن تتأخر أيضا عن دعم النظام في حال قرر بيع القناة.
4- تسيطر الإمارات بشكل كبير على القرار المصري، وتوجهه لما تريد ووفق ما تريد، وهو ما يتضح في الأزمة الليبية، حيث تقف مصر بجانب الخندق المدعوم من الامارات، كما أن الإمارات تستخدم مصر كمخلب -إن جاز لنا التعبير- لـ"خربشة" السعودية الشقيق الخليجي الأكبر، حيث تناكف مصر المملكة عندما لا تجرؤ الإمارات على فعل ذلك، وبالتالي، وفي ظل سيطرة الإمارات على القرار المصري، يكون من الطبيعي والبديهي أن تبيع مصر القناة للإمارات في حال اتخاذها القرار.
5- رغم أن الأمور في مصر يبدو انها استقرت بشكل كبير لنظام كامب ديفيد، إلا أن الصهاينة اليهود "إسرائيل" والصهاينة العرب "الإمارات" يخشون من اليوم الذي سينهار فيه هذا النظام، وهو يوم يعلم الصهاينة أنه سيأتي مهما بعد، ومن هنا نجد ان الصهاينة يسرعون الخطى لشرعنة الهيمنة على مصر، وهو ما قد يضمن السيطرة على قناة السويس أهم مجرى ملاحي في الشرق الأوسط، وإذا كانت سيناء استقر النظام على منحها لأسرائيل، فقد يتجه إلى بيع القناة إلى الإمارات.