"العار الذي لا يمحوه كر الدهر هو أن تسعى الأمة أو أحد رجالها أو طائفة منهم لتمكين أيدي العدو من نواصيهم، إما غفلة عن شئونهم أو رغبة في نفع وقتي".. جمال الدين الأفغاني
في هذا اليوم الأسود، 14 يونيو 2017، وافق برلمان عسكر كامب ديفيد على اتفاقية العار التي تقضي بالتفريط والتنازل عن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير.. إنه العار الذي تحدث عنه الأفغاني.
لنكن محقين، فإن براثن الخيانة في هذه الكارثة لا تقع على السيسي فقط، ولا على ثلة العسكر التي تنهب مصر منذ فبراير 2011، بل إن الجريمة شارك فيها كل قيادات الجيش المصري منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحتى اليوم.. والتفريط في تيران وصنافير كان درة التاج لأكثر من ربع قرن من الإصرار على الخيانة والمثابرة على التآمر والتفريط.. كيف ذلك؟
في عام 1990، وقع المخلوع مبارك على المرسوم الرئاسي رقم 27 الصادر في يناير 1990، والمتعلق بخط الأساس حول الحدود المصرية، والذي أخرج تيران وصنافير من تبعية مصر، وإن كان لم يذهب أبعد من ذلك بأنهما سعوديتان.
للأسف، القانون الدولي يعطي لهذا المرسوم أولوية قصوى، خاصة وأنه مودع بالأمم المتحدة.. فما هي كارثية المرسوم؟
المرسوم الرئاسي يحدد النقطة رقم (32) بأن أقصى النقاط شرقاً لجمهورية مصر العربية عند خط العرض (27°58'48.00"شمال و 34°26'12.00"شرق) هي راس نصراني. بالرغم من أن الجزيرتين تقعان تماماً إلى الشرق من راس نصراني.. وينبغي أن تُستبدل بالنقطة الخضراء (32original) وإحداثياتها ( 27°55'18.86"شمال و 34°44'24.81"شرق) في أقصى شرق صنافير، وبالتالي يصبح خط الأساس (الأخضر) مغلفاً للأراضي المصرية، كما يجب أن يكون.
ولا تستطيع دولة أخرى (السعودية) ادعاء ملكية الجزيرتين إلا بعد مرور 20 سنة على بقاء الجزيرتين "بلا صاحب" No-man's land . وبعد مرور 20 سنة زائد أسبوع تقدمت السعودية بخط أساسها للأمم المتحدة، والذي ضم الجزيرتين. وهذا أيضا دليل على أن السعودية ليس لديها أي مسوغ لملكية الجزيرتين سوى أنهما كانتا بلا صاحب لمدة عشرين سنة.
القضاء لا يفهم تعريف خط الأساس
إذا فهمنا تعريف خط الأساس، سنفهم بعد ذلك أن مبارك في 1990 قال أن تيران وصنافير ليستا أراضي مصرية، ولكنه لم يذهب أبعد من ذلك بأنهما سعوديتان. تفسير الادعاء لخط الأساس المصري في 1990 بأنه دليل ملكية مصر للجزيرتين هو تفسير خاطئ تماما، ومعاكس للحقيقة، وينم عن عدم فهم لخط الأساس، وقد أخبرتهم مباشرة بذلك قبل أن يرفعوا القضية. أخــْـذ القاضي بهذا التفسير لخط الأساس هو كارثة تعكس عدم قدرة القضاء المصري على التحقق من المفاهيم التي يتعامل معها.
إن تدويل مضيق تيران تطلب كل هذه الخطوات والسنوات منذ اتفاقية القوة متعددة الجنسيات في 1982. ولم يكن ليتم بدون تتابع كل هؤلاء العسكر المفرطين. السيسي لم يكن يستطيع التنازل عن تيران في 2016، بدون الإدعاء الرسمي من السعودية (بالأمم المتحدة) بملكيتها. والسعودية (التي لا حق لها في تيران) لم تكن لتطالب بها إلا إذا كانت بلا صاحب. ولم يمكن اعتبار تيران بلا صاحب إلا إذا تخلت مصر عنها لعشرين سنة على الأقل، وهو ما قام به مبارك في خط الأساس في 1990.
نحن أمام تفريط بتخطيط قانوني تطلب جهد متتابع لمدة ربع قرن، لكي يتحصن ضد أي طعن قانوني. والحل أمام ذلك هو نزع الشرعية عن المرسوم الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 الذي أعلن خط الأساس المصري. وهذا يعني عدم شرعية ما تم تقديمه للأمم المتحدة. وبالتالي فإن ضم السعودية للجزيرتين ضمن خط أساسها في عام 2010 هو إجراء غير شرعي.
ما العمل:
هناك 3 خطوات يمكن لها ان تعيد الجزر لمصر، هي:
1- النزول إلى الشارع
2- استصدار حكم قضائي مصر بعدم شرعية النقطة 32 في خط الأساس المشهر في المرسوم الرئاسي رقم 27 الصادر في يناير 1990.
3- رفع قضية بمحكمة البحار الدولية بهامبورج. وقد تكلمت مطولاً مع أحد قضاة تلك المحكمة، وأخبرني بإمكانية أن تقوم جمعية مصرية بالاعتراض على النقطة رقم 32 في خط الأساس المصري. طالما مدعومة بدعم شعبي.
يجب العمل على تجريد هذا المرسوم من شرعيته. واستصدار حكم قضائي بوجوب سحبه من الإيداع لدى الأمم المتحدة، أو على الأقل نقطة الإحداثيات رقم "32".
للأسف تقرير مفوضي الدولة يخطئ في السطر الخامس من صفحة 26 حين يقول "وقد تضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لسنة 1990 ومرفقاته تحديد خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية، وبحسب غرضه لم يتضمن التنازل عن أي جزء من الإقليم البري لجمهورية مصر العربية أو تقرير لحقوق أي دول أخرى على الجزيرتين تيران وصنافير."
للأسف هذا غير صحيح. فالمرسوم الرئاسي يحدد في النقطة الحمراء رقم (32) أن أقصى النقاط شرقاً لجمهورية مصر العربية عند خط العرض (27°58'48.00"شمال و 34°26'12.00"شرق) هي راس نصراني. بالرغم من أن الجزيرتين تقعان تماماً إلى الشرق من راس نصراني. وينبغي أن تُستبدل بالنقطة الخضراء (32original) وإحداثياتها ( 27°55'18.86"شمال و 34°44'24.81"شرق) في أقصى شرق صنافير، وبالتالي يصبح خط الأساس (الأخضر) مغلفاً للأراضي المصرية، كما يجب أن يكون.
ولا تستطيع دولة أخرى (السعودية) ادعاء ملكية الجزيرتين إلا بعد مرور 20 سنة على بقاء الجزيرتين "بلا صاحب" No-man's land . وبعد مرور 20 سنة زائد أسبوع تقدمت السعودية بخط أساسها للأمم المتحدة، والذي ضم الجزيرتين. وهذا أيضا دليل على أن السعودية ليس لديها أي مسوغ لملكية الجزيرتين سوى أنهما كانتا بلا صاحب لمدة عشرين سنة.
كيف يمكن تجريد مرسوم رئاسي من شرعيته؟
1- بمظاهرات
2- بحملة توقيعات مليونية
3- بقضية أمام محكمة مصرية
لا حل لقضية تيران وصنافير إلا في الشارع أو أمام محكمة البحار الدولية في هامبورج.
ولكن البعض تستهويهم "التسبيكة المحلية"، التي لا قيمة لها بعد أن تنازلت الدولة أمام الأمم المتحدة عن الجزيرتين في 1990 ضمن إشهار خط الأساس المصري (نقطة الإحداثيات رقم 34). التسبيكة المحلية (قضاء وبرلمان وانتخابات) كلها مضيعة للوقت، والصفقة تكتمل بعيدا عن أعين الشعب.
كون أن مبارك هو من بدأ التفريط فإن ذلك لا ينفي التفريط عن السيسي. عسى أن يكون ذلك بداية لإزالة سلسال الخيانة والعمالة.
إدعاء الحكومة في تقريرها بأن "السعودية سوف تقاضي مصر لو لم تحصل على الجزر" هو إدعاء كاذب.
السعودية لن تجرؤ على مقاضاة مصر حول الجزيرتين، لأن ليس لديها دليل، سوى تخلي مصر عنهما. المسرحية كلها لتدويل المضيق. وستتحول تلك القضية، لو رفعوها، إلى محاكمة لنظام مبارك-السيسي، وهذا ما لا تريده السعودية أو من يأمرونها.
هناك معلومة خاطئة شائعة، مفادها أن التفريط في الجزيرتين كان بسبب المال (الرز) من السعودية. وهذا خطأ - الموضوع أخطر كثيراً من ذلك. فالمبلغ الذي تعهدت به السعودية لدى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع مصر، وقدره نحو 2 مليار دولار قروض، كان مخصصاً لمشاريع عجيبة غريبة تحت مسمى تنمية سيناء (الوطن البديل)، منها: طريق النفق-النقب وإنشاء سحارة جديدة تحت القناة، وتغذية ترعة السلام وتطوير الطريق الساحلي العريش-الميدان. اقرأوا تفاصيل القرض في مقال المعرفة المرفق، ويضم اتفاق قرض الملك سلمان لتنمية سيناء.
وأخيرا
نتوجه بالشكر إلى العالم المصري الكبير الدكتور نايل الشافعي الذي نقلنا منه كل المعلومات المذكورة في هذا التقرير