فى سياق سعى دولة الاحتلال إلى اختراق الجسد المصرى عبر زرع الجواسيس، لم يسلم قطاع السينما الذى تم اختراقه من قبل اليهود العملاء، ومن بينهم الفنانة راقية إبراهيم التى دفعت تنازلات جمة بهدف الحصول على معلومات تزود بها دولة الاحتلال.
راقية إبراهيم
هى الفنانة التى ولدت فى حارة اليهود بمصر لأسرة يهودية، وطرقت أبواب السينما فمثلت أمام محمد عبد الوهاب دور البطولة فى فيلم "رصاصة فى القلب" والتى يذكر الناس مقولتها الشهيرة لعبد الوهاب "سنتى بتوجعني، حكيم روحانى حضرتك" ومثلت "سلامة فى خير"أمام نجيب الريحاني، و"جزيرة الأحلام" أمام أنور وجدي، وأصبحت مطلوبة بين السينمائيين للقيام بأدوار البطولة.
وعلى الرغم من أنها تمتعت بنجومية كبيرة فى القاهرة خلال فترة الأربعينيات إلا أن ولاءها الأول والأخير كان لإسرائيل، حيث إنها تخلت عن مصريتها، ونزعت عن نفسها شرف الجنسية، واختارت أن تكون إسرائيلية.
لعبت دورًا كبيرًا فى تشجيع يهود مصر على الهجرة لإسرائيل عقب حرب 1948، وإعلان قيام دولة إسرائيل.
جـاسـوسة فى فــراش المـــلك
أما "كاميليا" أو "ليليان ليفى كوهين"غريمة أسمهان فى عشق أحمد سالم، كانت فنانة وراقصة استعراضية تنبّأ لها الجميع بمستقبل زاهر مع النجومية.. وفى الوقت نفسه اتهمت بالتجسس لصالح إسرائيل، والحكاية تقول إن الملك فاروق ـ آخر ملوك مصر قبل الثورة ـ أعجب بها أثناء مرافقتها لأحمد سالم فى إحدى الحفلات الخيرية، وأصبحت محظية له وذلك عام 1946، ما جعل الوكالة اليهودية تنتبه لكاميليا وعلاقتها بفاروق فحاولت تجنيدها.
وقد وصفها الكاتب حنفى المحلاوى فى كتابه "فنانات فى الشارع السياسي" بأنها عميلة من الدرجة الممتازة للمخابرات الإسرائيلية، ولم يكن ارتباطها بالموساد عاطفيًا ولكن باعتبارها يهودية، وقد لعبت دورًا خطيرًا منذ عام1948 حتى 1950، ولو امتد بها العمر لهاجرت إلى إسرائيل.
استغلت كاميليا علاقتها بالملك وكانت تمد إسرائيل بالأسرار التى كان يبوح بها فاروق، وحينما اتهمتها الصحافة بالتجسس لصالح إسرائيل، أعلنت أنها لم تسافر لإسرائيل أو القدس، وقامت بجمع تبرعات للجيش المصرى المحارب فى فلسطين.. ولم يكن اتهامها آنذاك مبنيًا على دليل مادى وإنما على أساس تصورات عامة.. منها كونها يهودية، وبراعتها فى الاتصال بكبار الشخصيات، والتصاقها بالملك، وكذلك ثراؤها الفاحش.
وأكد البعض أن موتها كان مدبرًا من قبل الحرس الجديد للملك ـ سواء بعلمه أو بدون علمه ـ بينما أكد آخرون أن مقتلها كان بتخطيط أجنبى. سمير الإسكندرانى من الأسماء اللامعة، والتى قامت المخابرات المصرية بتجنيدها لصالحها، المطرب سمير الإسكندرانى، فأثناء وجوده فى باريس حاول الموساد تجنيده وإغراءه بالمال.. فأبلغ المخابرات المصرية التى جنّدته كعميل مزدوج، فحصل على معلومات خطيرة، وكان على اتصال بالجاسوس المصرى رأفت الهجان داخل إسرائيل.
ليلى مراد.. عميلة أم ضحية
فى عام 1952 اتُّهمت المطربة الشهيرة ليلى مراد بالتجسس لصالح الموساد، واستغلال علاقتها بالملك لإمداد المخابرات الإسرائيلية بالمعلومات، وذلك بعد نشر خبر تسرّب إلى الصحافة مفاده أن الفنانة ليلى قامت بزيارة إسرائيل وجمعت تبرعات تقدر بـ50 ألف جنيه لتمويل الجيش الصهيوني، وشجع على انتشار الخبر أنها يهودية الأصل.
ونتيجة للحملة الشعواء ضدها، تركت ليلى الأضواء سنة 1955، وأكدت وسائل الإعلام ساعتها أن دوائر الأمن السورى وراء تلك الشائعة لمنع أفلامها فى سوريا.
وقد وصل تأثير الشائعات إلى درجة أن السلطات المصرية عزمت على اعتقالها ومصادرة أموالها، غير أن تحريات عديدة قام بها مجلس قيادة الثورة أكدت براءتها، فتوسط جمال عبد الناصر لدى سوريا عام 1958 لرفع الحظر عن أغانيها وأفلامها.