-->
كاتوبجي كاتوبجي
recentposts

آخر الأخبار

recentposts
recentposts
جاري التحميل ...
recentposts

صفقة نيمار.. حين يفسد المال متعة كرة القدم


نيمار مع القطري ناصر الخليفي


كاتوبجي

حالة من الصخب لازمت الأوساط الإعلامية في العالم كافة، بعد الإعلان عن انتقال اللاعب البرازيلي نيمار من نادي برشلونة الإسباني إلى صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي بـ 263 مليون دولار، ليكون الصفقة الأغلى في تاريخ اللعبة الأشهر.

ومنذ إعلان النادي الفرنسي، الذي تملكه قطر، عن الصفقة الأضخم، توالت المقالات والكتابات التي غلب عليها الانتقاد الشديد والتشكيك حتى في المغزى من الصفقة، بالإضافة إلى الشكاوى التي تتهم الفريق الفرنسي القطري بمخالفة قواعد ولوائح وقوانين اللعب المالي النظيف.


قطر.. المال يفسد المتعة

في عالمنا العربي، وعلى وقع الأزمة التي تسببت في مقاطعة قطر أو حصارها بحسب موقفك من الأزمة، كانت أغلب الكتابات تتحدث عن الجانب السياسي من الصفقة، وهو ما سنتحدث عنه لاحقا، لكننا سنبدأ ونركز على الجانب الأهم الذي من أجله خلقت كرة القدم.. المتعة.

كرة القدم في جوهرها وحقيقتها لعبة خلقت من أجل المتعة، من أجل الترفيه، من أجل البهجة والسعادة والحزن والشجن في آن واحد، بهجة وسعادة عندما يكلل المجهود الرياضي بالبطولات والانتصارات، وحزن وشجن في وقت الهزيمة والانكسارات، لعبة تجمع أطيافا مختلفة ربما يكونوا متحاربين في مجالات أخرى كالسياسة، لعبة تجمع بين تيارات متناقضة، وتوحد فئات وطبقات ربما لا تعرف عن بعضها البعض شيئا. لعبة هي الرابط الوحيد بين شعوب تعادي بعضها البعض، أو قوى متحاربة، كرة القدم هي الوحيدة التي أذابت الفوارق والحدود التي خلقتها السياسة وأرستها الفوارق الاجتماعية وعمقها المستوى الاقتصادي.

إذن، كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، إنها عامل مهم من عناصر الحياة، وركنا أساسيا من اهتمامات مليارات البشر حول العالم عامة، وعلمنا العربي خاصة، الذي رغم ما يعتمل في بلاده من أحداث وما يحاك ضده من مؤامرات، إلا أنه لم يفقد شغفه باللعبة الممتعة.. كان ذلك كله قبل أن تدخل الأموال ومليارات الغاز في اللعبة فتدمرها وتفسد بهجتها وتذهب بمتعتها.

الأصل في المال أن يكون عاملا مساعدا في إمتاع الإنسان، أن يؤدي دورا في الترفيه عنه ويسعى حثيثا لنشر السعادة، لكن ما حصل كان على النقيض تماما.

لقد أفسدت أموال قطر لعبة كرة القدم، وجعلت المتعة حكرا عليها وعلى القادرين فقط، وهم قلة في دولنا العربية والشرق الأوسط، ولن نجادل إذا قلنا أنها كانت سببا في انخفاض شعبية اللعبة الأشهر في التاريخ، عبر الممارسات الاحتكارية لأهم وأشهر وأفضل البطولات الرياضية عامة، وتلك المرتبطة بكرة القدم خاصة.

قبل ظهور سرطان الاحتكار القطري للبطولات الرياضية، كان الفقير أو غير القادر في عالمنا العربي بإمكانه متابعة كبرى مباريات وبطولات الكرة من منزله، وعلى تلفازه الأبيض والأسود، يمكنه مشاهدة أشهر نجوم اللعبة، دون الحاجة إلى دفع اشتراك كبير، ودون الاضطرار إلى الذهاب للمقاهي التي دفعت ذاك الاشتراك ثم تتأهب لتحصيل أضعاف أضعاف ثمنه من"الزبون الفقير.

ثم ظهرت الممارسات الاحتكارية، والسيطرة على المحافل الرياضية باعتبارها نوعا من القوة الناعمة اللازمة للدول ذات الأجندات، وصارت المشاهدة حكرا على القادر، حصرا على قنوات قطر، في الوقت الذي ازدادت فيه شعبية اللعبة بفضل الثورة التكنولوجية الهائلة وثورة "السوشيال ميديا" ليكون المشاهد العربي أمام خيارين: الاشتراك في القنوات من أجل متابعة اللعبة، أو اللجوء إلى المقاهي التي تستغل الحاجة من أجل تحصيل ما دفعته أضعافا مضاعفة.

وانطلاقا من مبدأ القوة الناعمة سالف الذكر، قررت قطر خوض معركة تنظيم بطولة كأس العالم، التي كان من ضمن بنودها السرية، وفقا لاتفاق بين ساركوزي رئيس فرنسا السابق وقطر، للحصول على دعم الفرنسي بلاتيني في سباق الحصول على تنظيم مونديال 2022، شراء نادي باريس سان جيرمان وتأسيس شبكة قنوات "bein sport" وعرض الدوري الفرنسي عليها وتصنيفه ضمن الدوريات الكبيرة في أوروبا.

ومنذ تملك قطر للنادي الباريسي، والأموال تصرف على النادي بشكل لافت للنظر، ففي يوليو 2012، تعاقد النادي مع المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش ليتقاضى 15 مليون يورو سنويا ليصبح بالتالي الأعلى أجرا في الدوري الفرنسي، وهو الأمر الذي تسبب بحملة من الانتقادات قادتها وزيرة الرياضة في فرنسا فاليري فورنيرون التي اعتبرت أن هذه الارقام "خيالية وغير منطقية"، مشيرة إلى "غياب القوننة تماما" في كرة القدم.

وبعد رحيل "إبرا" إلى مانشيستر يونايتيد، حاول الفريق الفرنسي القطري تعويضه بالأرجنتيني أجويرو مقابل 100 مليون دولار، قبل أن تتحول الدفة إلى البرازيلي نيمار لينضم للفريق بمبلغ 263 مليون دولار.

سيطرة رأل المال القطري كما أفسدت متعة اللعبة، أضاعت العدالة الكروية أيضا، وكان طبيعيا ومؤسفا أن نرى فرقا بحجم وقيمة وتاريخ أرسنال الانجليزي وأياكس امستردام الهولندي وميلان الإيطالي وسانت إيتيان صاحب الألقاب العشر في الدوري الفرنسي والأكثر تتويجا باللقب، بعيدة عن منصات التتويج وكل طموحها هو الحصول على المركز الثاني أو الثالث للعب في دوري الأبطال، ولعل ذلك يفسر الغضب الشديد الذي اعترى الفرنسي أرسين فينجر المدير الفني لأرسنال من الصفقة.

وقال فينجر في مؤتمر صحفي، يوم الإعلان عن الصفقة: "بمجرد أن تتحكم دولة في ناد، يصبح كل شيء ممكنا".

اعتراضات رسمية 

الاتحاد الإسباني أيضا كان قد اعترض على دفع باريس سان جيرمان للشرط الجزائي خاصة مع وجود شكوك لمخالفة قانون العب المالي النظيف.

كما أعرب رئيس رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم خافيير تيباس، عن عزمه التقدم بشكوى إلى الاتحاد الأوروبي للعبة ضد نادي باريس سان جيرمان متهما إياه بمخالفة قانون اللعب المالي النظيف، قائلا: «سنتقدم بشكوى أمام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وإذا لم يتحرك سنرفع القضية أمام محاكم المنافسة في سويسرا وبروكسل ولا نستبعد اللجوء إلى المحاكم في فرنسا وإسبانيا».

وشدد على أن المسألة لا تقتصر على نيمار قائلا: «كنا نعتزم التقدم بشكوى قبل ذلك. نريد طرح المشكلة أمام مسؤولي الاتحاد الأوروبي وقلت ذلك للرئيس (الاتحاد القاري الكسندر) تشيفيرين، لكننا لم نحصل على الوقت الكافي».

ويجبر قانون اللعب المالي النظيف الأندية على إنفاق أموال تتناسب مع مداخيلها، وناد مثل سان جيرمان لم يحقق مكاسب تصل إلى نصف مبلغ 222 مليون يورو في الموسم.

تجدر الإشارة إلى أن أموال قطر لم تشفع لباريس سان جيرمان الذي خرج العام الماضي من دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا أمام برشلونة، بينما وصل فريقي موناكو وليون الفرنسيين إلى نصف نهائي البطولتين الأوربيتين، موناكو في دوري الأبطال وليون في الدوري الأوروبي.

الخلاصة أن أموال قطر جعلت اللعبة الأشهر حكرا على الأغنياء، وكما أفسدت متعة الجمهور، حرمت الأندية العريقة التي لا تملك ميزانيتها من المنافسة على الألقاب.


البعد السياسي في الصفقة

أغلب التحليلات انصبت على توقيت الصفقة، وربطت بينها وبين الأزمة الحاصلة في المنطقة، بعد قرار مقاطعة قطر أو حصارها.

تيم ليستر، محلل CNN الذي الذي يتابع شؤون الشرق الأوسط منذ أكبر من عشر سنوات، إن استراتيجية قطر بسيطة، الإنفاق بشكل كبير، فهي تسعى إلى تسويق نفسها عالميا، حيث وسّعت وجودها في الشرق الأوسط بأسلوب مستقل. منوها ان قطر اتخذت خطوات جرئية في هذا السياق، منذ ولادة شبكة تلفزيون الجزيرة في عام 1996، ولكن بشكل درامي أكبر، عبر تدخل قطر (بالأسلحة والنقد) في ليبيا وسوريا، ودعمها لإعادة إعمار غزة.

وأضاف ليستر: "وسواء كان ذلك عبر شراء أندية كرة القدم أو دعم الجماعات المتمردة الإسلامية، فإن قطر جعلت أموالها تتحدث" 

نيمار.. هاجس القوة الناعمة

بالعودة مجددا لهاجس "القوة الناعمة" المسيطر على تحركات قطر الإعلامية، ربما تكون فرضية استغلال نيمار كوجه لقطر، تعززت أكثر بعد أن كشفت مصادر ألمانية أن شركة قطر القابضة المالكة لنادي سان جيرمان، بصدد منح نيمار وظيفة سفير للبلاد لمونديال 2022 مقابل 300 مليون يورو يسدد منها اللاعب قيمة الشرط الجزائي منها، أما الباقي، 78 مليون يورو، فيحتفظ به لنفسه كجزء من راتبه.


أخيرا، صفقة نيمار تعيدنا إلى السؤال الأكثر أهمية، متى تتخلص كرة القدم من السيطرة والاحتكار؟ ومتى تعود اللعبة إلى أحضان جماهيرها مرة اخرى؟ وهل صرنا في حاجة ماسة إلى تكتل مضاد يكسر هيمنة قنوات "بي ان سبورت" القطرية؟



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زارنا آخر أسبوع

المتابعون

أرشيف المدونة

جميع الحقوق محفوظة

كاتوبجي

2016