-->
كاتوبجي كاتوبجي
recentposts

آخر الأخبار

recentposts
recentposts
جاري التحميل ...
recentposts

عن الاتفاق الأرميني-الأذربيجاني لوقف القتال: تفكير بصوت مرتفع




متى تدرك أن روسيا دولة عظمى مع وقف التنفيذ؟ عندما تتمعن في تفاصيل الاتفاق الذي توسطت لإنجازه بين أذربيجان وأرمينيا. من الصحيح أن روسيا دولة نووية، ولكن السلاح النووي قد يكون الشيء الوحيد الباقي من مؤشرات العظمة. وخيار شمشون - السلاح النووي - لا ينفع في مثل هذه الأزمات، مثل جنوب القوقاز والحرب السورية والحرب الليبية. 

الولايات المتحدة - بالرغم من كل من الإشارات الموضوعية إلى مواطن ضعفها وتراجع قوتها - لا تزال قادرة، من الناحية العسكرية واللوجستية، على وضع قوات على الأرض في أي بقعة في العالم خلال فترة لا تزيد عن 12 ساعة كحد أقصى، وعلى تنفيذ عمليات إسناد جوي لأي مسرح عمليات خلال فترات أقل. وتجربة الجسر الجوي الأميركي لإسرائيل في حرب 1973 هي مثال  عن فارق كبير، لا يزال قائماً، بين قدرات واشنطن وموسكو على استعراض القوة.

الحرب في جنوب القوقاز مستمرة منذ 44 يوماً ولم تستطع روسيا أن تنقل أي معدات ثقيلة أو ذات أهمية لأرمينيا. التوثيق بالصور والفيديو يظهر أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية والتركية أبادت 40% من الدبابات الأرمينية وأنهت سلاح المدفعية وأوقعت خسائر فادحة في منظومات الدفاع الجوي بما فيها تدمير عدة منصات لمنظومة S-300. بينما بقيت الخسائر الأذربيجانية متواضعة للغاية.

بالنسبة لي شخصياً، الأرمن أقرب إلي من الأذريين، وأنا من أكثر منتقدي السياسات التركية ولا أرى تركيا سوى عدو استراتيجي. ولكن هذا لا يعني أن أتجاهل حقيقة أن الإدارة الأرمينية للصراع كانت فاشلة بامتياز وعلى كل المستويات. بل إنها تدخل تاريخ الإخفاق العسكري من أوسع أبوابه. فخلال 44 يوماً لم يظهر أي مؤشر على استفادة الأرمينيين من تجارب القتال في تغيير خططها أو تكتيكاتها القتالية. قد يصمد الاتفاق الحالي أو قد ينهار سريعاً ولكن هذا ليس مهم حقيقةً. إذ لا توجد ملامح قدرة أرمينية أو روسية على تغيير المسار الحالي، خصوصاً فور تولي إدارة بايدن لمقالد الأمور في واشنطن. 

روسيا على الورق قادرة على أن تكون دولة عظمى ولكن بوتين هو العائق الأول في وجه ذلك. لا قوة عسكرية عظمى بدون اقتصاد قوي ولا اقتصاد قوي بدون بنى سليمة. لم يظهر بوتين أي استيعاب لدروس هزيمة الاتحاد السوفيتي من الناحية الاقتصادية. أما من الناحية العسكرية فإن الاستفادة من لحظة الانشغال الأميركي ومحاولة الاستفادة من الفراغ في البحر الأسود،  منذ 2014، وفي سورية، منذ 2015،  قد استنفذت حظوظها. الغرب ليس بوارد عقد صفقة وفق الشروط الروسية، لا لإعادة إعمار سورية ولا - النغمة الروسية الجديدة - إعادة اللاجئين السوريين إلى سورية. 

شهدت الأشهر الأربع الماضية قبول الكرملين بتسليم المعارض الروسي أليكسي نافالني إلى ألمانيا - لتجنب التعرض لعقوبات أوروبية، والتي فرضت عليها بالرغم من ذلك في نهاية المطاف - وعدم القدرة على التدخل في بيلاروسيا وانتزاع مكاسب واضحة من ألكسندر لوكاشينكو، والآن الاتفاق الذي أعلن عنه بين أرمينيا وأذربيجان. كل هذه مؤشرات خطيرة على محاولات روسية لتجنب التأزيم، خصوصاً بسبب الأوضاع الاقتصادية الروسية. 

ولكن هذا ما حصل خلال الأشهر الأربع الماضية، فماذا عن السنوات الأربع المقبلة؟ والسؤال الأهم إذا ما كانت روسيا تتراجع بهذا الشكل فما الذي يتوقعه الآخرون المضغوطون اقتصادياً بشكل أكبر بكثير من روسيا؟


الكاتب والباحث محمد صالح الفتيح 



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زارنا آخر أسبوع

المتابعون

أرشيف المدونة

جميع الحقوق محفوظة

كاتوبجي

2016