المقال الذي كتبه باتريك جورج وتسبب في سجنه لسنوات
----
لا أعرف المسيح الذي سيولد اليوم
"أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي العاصمة الإدارية الجديدة مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ"
(لو 2: 11)
يولد اليوم في العاصمة الإدارية الجديدة مسيح جديد ومختلف؛ مسيح منعم ومتوج بالذهب وابن للكامباوندات بعد أن ولد في مزود بقر كتعزية للفقير حسب القصة المذكورة في الإنجيل.
ميلاد المسيح الجديد اليوم رسالة تعكس كيف تحولت الكنيسة تحت إدراتها الجديدة لكنيسة راس المال وتحت أمر رجال الاعمال في من نعزل ومن نعين وأين نقيم قداس العيد بالأمر المباشر دون اختيار أو سؤال عن إمكانية رفض طلب/ أمر كهذا من قبل إدراة الكنيسة.
المسيح الجديد الذي سيولد اليوم سيحضر ميلاده الذين يشبهونه من أثرياء المجتمعات المسورة والكامباوندات والعساكر. مسيح جديد يرتدي بزة عسكرية تتماهي مع السلطة الحاكمة للدولة.
مسيح لا يعرف الفقراء والمضطهدين والشهداء من شعبه الذين وصلوا إلي رقم قياسي منذ 2013 بمعاونة صادقة من رأس الكنيسة وبدون شجب أو عتاب من الأخيرة حيث أنها شريكة في مشروع الدولة العسكرية حتى لو كان المسيحيون هم من يدفعون الثمن. مشروع الدولة العسكرية وحربها ضد كل الأطراف يدفع ثمنها الأقباط الفقراء في المنيا، بني سويف، الأسكندرية وطنطا وكل انحاء مصر.
كنيسة "ميلاد المسيح" التي سيتم افتتاحها بحضور رئيس الجمهورية أغلقت حكومته عشرات الكنائس التي حصل علي إثرها احداث عنف طائفي نتج عنة تهجير وجلسات عرفية لم تصب يوم في مصلحة المسيحين حيث كان الحل دائمًا في تهجيرهم تجنبًا للمشاكل.
كنيسة جديدة تحت اسم "ميلاد المسيح" يتم افتتاحها في أقاصي أطراف القاهرة حيث يتم بناء عاصمتهم الجديدة، ذلك المشروع الضخم التي تنفق عليه الدولة مليارات الدولارات لكي تسمي أي إنجاز لنفسها لإنقاذ أي شئ قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة، وبالطبع لابد أن نقدم للمسيحيين شئ؛ فلنبن لهم كنيسة براقة فارهة عوضًا عمن قتلوا وأحرقوا وعمن لم يجدوا مكانًا يصلوا فيه للرب.
كنيسة ميلاد المسيح ستكلف الحكومة أكثر من خمسين مليون جنية. بإمكان هذا المبلغ ترميم كل الكنائس الموجوة في مصر، ليس فقط الكنائس التي تحتاج للترميم، بل بإمكانهم ايضًا بناء عشرات الكنائس الجديدة لقري الصعيد التي تحارب من أجل شقة واحدة لإقامة الشعائر الدينية.
لن يستطيع المجوس اليوم زيارة المولود لأن الماجوس في الأصل إحدى قبائل ماري، وهم جزء من الإمبراطورية الفارسية، حاولوا الثورة على الإمبراطورية للتخلص من النفوذ الفارسي، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل. لذلك لن يجمعهم نفس المكان مع شخص قد اعتقل ثلاثين ألف شاب في سجونه وأعدم العشرات وقتل المئات. لن يستطيع المجوس مشاركة هذا الشخص نفس المكان ومراسم ميلاد المسيح لأنه مسيح مختلف عما كانوا يظنون.
بعد أن كان فقراء المسيحيين يذهبون للإحتفال في الكاتدرائية بالعباسية بقداس الميلاد ويسهرون بعدها داخل جدران الكاتدرائية مقابل تذكرة مترو بجنيهات بسيطة، لن يستطيعوا الآن فعل ذلك فهم يحتاجون عشرات الجنيهات للوصول لمكان ميلاد المسيح وسيواجههم عددًا من المشاكل أولها أن هذا المكان الفاره لاتوجد لة مواصلات وإن وجدت ستكلفهم ما يعادل نسبة لا بأس بها من راتبهم الشهري، كما أنهم –وهو الأهم- لا يشبهون الأسياد الذين ستعج بهم قاعة الاحتفال.
كل سنة وانتم طيبين.
ـــ--ــــ---ـــــــــــــــــــــ
باتريك جورج
٧ يناير ٢٠١٨