ليس من باب التشاؤم او النظرة السوداء لما يدار لنا من خدع و مؤامرات منذ قرون تمس مصير وأوضاع الدول العربية و و تهدف لاندثار الهوية العربية و العقيدة الاسلامية .
وكنت كغيري من الباحثين أتلقي الصدمة بعد الآخري لتقزيم العروبة وتخريب العقيدة الاسلامية وأسجلها متمنيا بل وواثقا بان لدي العرب و المسلمين وضوحا في الرؤي و تصميما علي البقاء في اثراء العالم كله بالعطاء الحضاري الذي بدأناه بإخراج أوروبا من كهوف الجهل و التوحش و تقييم الدين الاسلامي كرسالة سلام و ازدهار للعالم كله ليس بقوة السيف ولكن بسماحة العقيدة و كرامة الانسان فانتشر شرقا وغربا بين اكثر من مليار ونصف إنسان .
غير ان حدثين هامين ومؤثرين قد وقعا في الفترة الاخيرة دفعاني للخروج عن صمتي ومشاركة الآخرين في تنبيه و تحذير العرب و المسلمين من الاقتراب لكافة الهاوية:
الاول:
هو مؤتمر الهوان العربي مع سيدنا ترامب في اول زيارات لترامب للخارج تتوجه الي السعودية ساندة الكعبة ومسجد الرسول وحامية الاسلام ثم الي اسرائيل الي اسرائيل في خطوة معدة بعناية لتمرير المشروع الإمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني لإنهاء المشكلة الفلسطينية باغتيال الحقوق الفلسطينية و تقزيم حل الدولتين
ولتأمين تدفق الأموال السعودية و الخليجية لامريكا
ثم يتطور الامر الي دعوة ملوك وأمراء دول الخليج للسعودية للقاء ترامب وينتهي الامر بدعوة مصر لتنضم لدول الخليج في لقاء ترامب.
ولإخفاء سوئات و مظاهر الضعف وتغطية الحياء اطلق علي زيارة ترامب للسعودية المؤتمر الامريكي العربي الاسلامي الذي احضروا له ٥٥ رئيسا وممثلا للدول الاسلامية ، يعترف ويسجل كذبا وأفكا ان الاسلام هو مصدر الاٍرهاب في العالم، ولم ينته عند هذا الحد بل وأسس جهاز في السعودية مهد الاسلام و حاميته أسموه مركز الاعتدال ومهمته أمركة الاسلام بحجة تطويعه ضد ما أسموه بإرهاب المتطرفين المسلمين .
والثاني:
هو هذه الحرب الشعواء غير المبررة ضد دولة قطر -الدولة ذات المبادئ و الدبلوماسية النشطة في حل المنازعات الدولية - التي أعدت لها كبري دول الخليج و امبراطورية مالية كبري اخذها الغرور فراحت تحيك التامر والتنابذ بين الدول وتمول الانقلابات و تنسق دون خجل مع الغرب و الصهاينة ووصل الامر بها الي تمويل و تشجيع عملية تعطيش مصر حتي تصبح هي الاقوي والرائدة،ونسيت انها ستذهب الي الهاوية لانها في كل الأحوال ستظل دويلة صغيرة .
وعليه يمكن ايجاز الطعنات التي وجهها العرب للعرب وليس لاعداء العرب و المسلمين :
*المؤامرة الكبري التي بدأت بوعد بالفور بمنح فلسطين لليهود وتم بذلك اغتيال حقوق و ارض الشعب الفلسطيني وزرع الكيان الصهيوني في الارض العربية ومساعدته علي التغلب علي كل القوي العربية.
*اكتشاف اكبر حقول للنفط في العالم في جوف المشرق العربي (بالاضافة الي ليبيا و الجزائر) وسيطرت بريطانيا و أمريكا في المشرق و فرنسا في المغرب لنهب هذه الحقوق بتشجيع إقامة دول رخوة وبث التنابذ القبلي و شحذ العقلية القبلية و الحزازات القديمة بين الحكام و الشعوب
*اعطاء أمريكا لصدام حسين الضوء الاخضر لغزو الكويت عن طريق جلاسبي سفيرتها في بغداد و كانت النتيجة هي تجنيد الدول العربية للاشتراك مع قوي اخري في افشال الغزو العراق وكان الهدف الدفين هو أضعاف العراق الي ان تم القضاء نهائيا علي الجيش العراقي بالغزو الامريكي تذرعا بكذبة حصوله علي أسلحة الدمار الشامل.واسفر ذلك عن ضرب التوازن بين العراق و ايران و تركيا و مصر في المشرق الذي كان يعزز السلام في المنطقة منذ عقود طويلة من الزمان
*واستكملت أمريكا المخطط بتسهيل نشر الطائفية بالعراق حيث احضر اكبر أئمة الشيعة من طهران ودخل العراق علي ظهر حافلة أمريكية ثم أعقب ذلك بول بريمر حاكم العراق الامريكي بتسريح الجيش العراقي و أعطي الشيعة الأغلبية في مجلس الحكم و انتهي الامر إلى حرب طائفية تستمر حتي اليوم.
*الحرص علي الإبقاء علي ضعف و هشاشة تأثير جامعة الدول العربية التي اتخذت في معظم الأحوال منهج الشجب و الادانة بل و التخلي عن مسئولياتها الواردة في ميثاقها ومطالبة الامم المتحدة بتحمل مسئولياتها ضد العدوان علي الحق العربي .
*خلخلة الأمن في المشرق وضرب وجود دولتين عربيتين هي سوريا و اليمن
*الالتفاف حول القوة المصرية حامية العرب الأولي بالحرب ١٩٥٦ و ١٩٧٦ و مناورة حرب ١٩٧٣ وتأمين الدولة العبرية بمعاهدة السلام و تقليص. سيادتها علي سيناء ثم التشجيع الخفي او السكوت عن شمولية الحكم الذي دام عدة عقود والذي أفقر مصر ونشر فيها الفساد و الخنوع للقمع العسكري واضعاف العقيدة العسكرية للجيش المصري و اخيراً دفع اثيوبيا لتعطيش مصر و قبل ذلك التغاضي عن التعدي بالقوة علي شرعية الحكم فيها بعد ثورة ٢٥ يناير.
*العمل علي افشال الربيع العربي واستعادة نفوذ الدولة العميقة في مصر و تونس واستعادة الدور الروسي في سايكس بيكو تمهيدا لتحقيق حلم جورج بوش الابن و المحافظين الجدد في أمريكا بإقامة شكل جديد بالشرق الأوسط .
ووصلنا في النهاية بضرب قطر لأسباب مختلقة الي منهج الحرب العربية العربية الذي لا يخدم المصلحة العربية بل يتوافق مع مخططات اسرائيل و الغرب و روسيا.
هل نشهد نهاية الحلم العربي و أمركة هويتنا الدينية ام تنهض شعوبنا من الخليج الي المحيط فتصلح حكامها او تنحيهم دفاعا عن وجودنا و ديننا.
القاهرة ٦ يونيو ٢٠١٧
السفير إبراهيم يسري