بقشيش السجائر المارلبورو الذي يتسوله موظفو هيئة قناة السويس من السفن المارة هو تصرف كريه قديم، يقلل من قدر مصر، وإن كان قباطنة السفن تعودوا عليه، على مضض.
المشكلة هي في الروح العدائية التي جدّت في 2014، فيما يبدو. ولا أفهم كيف انتشرت تلك العادة بسرعة حتى كثرت التقارير الأجنبية عنها. وقد تزامن ذلك مع بدء اقتراض الهيئة من البنوك بضمان القناة.
الحرص على أهم مصدر للدخل الأجنبي لمصر يدفعني لأحذركم من "أسوأ سيناريو ممكن"، وهو تزامن عدد من العناصر - من الغفلة أن نظن أنها تزامنت اعتباطاً:
*1* اقتراض هيئة قناة السويس من البنوك لأول مرة في تاريخها (على حد علمنا)، لمبالغ تزيد عن 4 مليار دولار لتغطية تكاليف استئجار كراكات حفر التفريعة البائسة، بالرغم من أن السيسي قد جمع 64 مليار جنيه لهذا الغرض. ماذا سيحدث لو بيعت البنوك المصرية الدائنة لبنوك أجنبية كما يطالب صندوق النقد. ستصبح ديون هيئة قناة السويس في أيدي أجنبية. كيف سيتم سدادها؟ وبالمناسبة، أين تذهب عوائد قناة السويس في ميزانية مصر؟ كما أن صندوق النقد والبنك الدولي يدعوان مراراً وصراحة منذ 1980 لخصخصة قناة السويس.
*2* تكرار حوادث جنوج السفن بشكل متزايد بعد حفر التفريعة. ويغطيها الإعلام المتخصص.
*3* تصرفات مشينة من أفراد هيئة القناة تجاه السفن المارة، مثل تسول سجائر المارلبورو وما تلى ذلك من أعمال تخريب للسفن الرافضة لدفع الإتاوة.
*4* بدء تغطية إعلامية في الخارج لهذه لسوء إدارة قناة السويس (تسول المارلبورو وجنوح السفن) وتسمية القناة "قناة مارلبورو"، كما سترون ببحث بسيط على جوجل، في عشرات المقالات والفيديوهات بلغات أجنبية متعددة.
العنصر الأول (الديون)، وبقليل من الحث من صندوق النقد ومن أطراف داخلية متناغمة معه، قد يدفع الحكومة لبدء خصخصة القناة. ومثل سيناريو خصخصة أرامكو ستكون الخصخصة لنسبة صغيرة مثل 5-10% في البداية، لإرساء سعر سوقي لقناة السويس.
العناصر الثلاث التالية ستتضافر كوصفة لتقليل سعر أسهم القناة في حال خصخصتها.
بعد ساعتين من إعلان السيسي مشروع تفريعة القناة في 2014، كتبت تحذيراً مطولاً، في هذه الصفحة، قلت فيه أن المشروع لن يجلب قرش اضافي للقناة، وقد يهددها هندسياً، لكن الأهم من ذلك كان العنوان الذي اخترته للمنشور آنذاك: "خصخصة قناة السويس". الفيلم واضح منذ البداية. وأرجو أن أكون مخطئاً. انتبهوا أيها السادة.
نقلا عن العالم المصري د.نايل الشافعي
موضوعات ذات صلة: