-->
كاتوبجي كاتوبجي
recentposts

آخر الأخبار

recentposts
recentposts
جاري التحميل ...
recentposts

حول حركات المقاومة التقدمية والرجعية.. ملاحظات عامة


 


ثابت بن جابر


تنتمي مقولات (الرجعية/ التقدمية) للفلسفة التاريخية التي تنطلق من مبدأ أن التاريخ ليس لحظات ومراحل منفصلة يفصل بينها لحظات انقطاع، بل هو صيرورة لا تتوقف من وحدة و صراع التناقضات. 

ومن الأفكار التي أشار لها "هيجل" في "محاضرات في تاريخ الفلسفة" أن الرجعية تعني الخضوع لقوانين غير مُدْرَكة، أي حين تصطدم الذات بالموضوع كجوهر "في ذاته" لا تمايز فيه. ولأن "حركة التاريخ"، و"الحركة" أساس الفكر الهيجلي، فإن جدل (الرجعي/ التقدمي) يتحد مع جدل (الضرورة/ الحرية): " الضرورة عمياء إذا لم تكن مُدْرَكَة، الحرية هي الوعي بالضرورة"، في كون الضرورة / حد أو سلب الحرية تبدو اعتباطية، ما لم تُدْرَك أسبابها الموضوعية. 

على سبيل المثال، فالجاذبية الأرضية هي حد/ سلب القدرة عن الإرتفاع عن سطح الأرض، لكنها تبدو عمياء، مبهمة ما لم تعي الذات الواعية ذلك الحد في صورة قوانين موضوعية مجردة. و بذلك فإن الموقف الرجعي نظرياً من مسألة الطيران هو محاولة تفسير عجز الإنسان عن الطيران أو محاولة تحقيق رغبته في الطيران من خلال فرضيات ذاتية/ مثالية. ذاتية: تفصل بين الإنسان و محيطه الموضوعي من خلال تجاهل علاقة الجاذبية بكتلة الإنسان مفترضةً إمكانية تحقيق الرغبة في الطيران إما بشكل غيبي/أسطوري (حذاء هيرمس المجنح لدى الإغريق على سبيل المثال). 

و لما كانت مسألة الوعي بالضرورة كذلك مركزية في الفلسفة المادية التاريخية (الماركسية) فإن من البديهي أن يكون جدل ( الرجعية / التقدمية) في المادية التاريخية التي ترى أن صيرورة التاريخ هي محصلة العلاقة بين أدوات الإنتاج والقوى المنتجة وما بينهما من علاقات الإنتاج في سياق إنتاج المجتمع للقيم المادية. فإن المعيار هنا هو مدى استقلالية المجتمع في عملية إنتاج مقومات وجوده المادية عن الطبيعة. 

على سبيل المثال، يعد تخزين مياه المطر و التحكم في فيضان النهر خطوة تقدمية لأنها تعزز من استقلالية الإنتاج عن قوى الطبيعة عبر إدراك قوانينها و حركتها كـ(ـضرورة) و بالتالي تقليل الاعتماد أو الاعتقاد على قوى غيبية أو أسطورية مع تطور أدوات الإنتاج ممثلة في الري و تطوره. ولا تقتصر الضرورة العمياء هنا على الأسطورة الدينية ( حذاء هيرمس المجنح أو قرابين مُقَدَّمة لزيادة المطر أو الفيضانات).

بل تمتد لتشمل الاعتقاد في اعتباطية قوى العرض و الطلب كأسطورة اجتماعية تنتمي لتصورات المجتمع الرأسمالي. 

ومما سبق، يتضح أن من قبيل الرجعية انتزاع مقولات التقدمية والرجعية من سياقها التاريخي و حصرها في تصورات شكلانية متعلقة بالزي أو حرية تناول الكحوليات من عدمها أو الخطاب المستمد من البناء الفوقي لمجتمع محدد في لحظة محددة بحيث يتم استدعاء بعض مكوناته في سياق مقارنة الواقع الراهن بالتجارب المختزنة لدى هذا المجتمع أو ذاك. سواء كانت تلك المكونات دينية أو قومية أو حتى شاعرية كالسير الشعبية. إن مجرد "الحكم" انطلاقاً من تصورات شكلانية بتقدمية أو رجعية عنصر ما، دون فهم ما يعكسه الاستدعاء الماضوي ذاته، أو إسقاط تصورات مستقبلية (ذاتية ) بشكل مسبق هو عين الرجعية و صميمها.

من صور الرجعية: صنمية التقنية العسكرية . النظر إليها كجوهر لا تمايز فيه منعزل عن "الذات" أو العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي أنتجتها كسلعة. و كأداة لتحقيق "ضرورة" عسكرية محددة. اعتبار التقنية العسكرية والتنظيم العسكري للمحتل المتقدم والمدعوم تقنياً من الدول "المتقدمة" كقوى غير مُدْرَكة ولا مفهومة. 

وعليه فإن "المقاومة " التي تعي ذاتها ونقيضها (عدوها) في سياق التناقض/ الصراع، وتعبئ جماهيرها وتراكم امكانياتها التقنية كماً وكيفاً، وتنظم ذاتها من إدراكها للضرورة المتمثلة في السمات الموضوعية "المادية" والذاتية " التنظيمية" للعدو. بغية تجاوزه أو التحرر منه كحدٍ أو سلب، تحمل في تطورها، من الناحية التاريخية، مضموناً " تقدمياً" مهما كان المحتوى الظاهري لخطابها الجماهيري.




إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زارنا آخر أسبوع

المتابعون

أرشيف المدونة

جميع الحقوق محفوظة

كاتوبجي

2016